(Array|find{868}|oui)

بعد ستة أشهر من المصادقة على القرار رفع حالة الطوارئ في الجزائر.. ما الذي تغيّر ؟

قبل ستة أشهر من يوم أمس، وبالتحديد في يوم الأحد 13-3-2011، صادق المجلس الشعبي الوطني بالأغلبية، على الأمر الرئاسي المتضمن رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ يوم 9 فيفري من سنة 1992، وكان يوم 23 مارس يوما لترسيم القرار عبر الجريدة الرسمية، وبذلك دخوله حيّز التنفيذ، وسط ترحيب داخلي وخارجي كبيرين، إضافة إلى تحفّظ بعض التشكيلات السياسية، التي اعتبرت أن القرار لن يكون له تأثير على الحياة السياسية في الجزائر. “الفجر” وبعد نصف سنة من المصادقة على القرار، تفتح أسئلة جدواه وتأثيراته على الحياة السياسية والاجتماعية..

في ظل غياب غطاء قانوني وبمبرر حفظ النظام العام
المسيرات.. الفعل الممنوع رغم رفع حالة الطوارئ

إذا كان لقانون رفع حالة الطوارئ العديد من الايجابيات في الحياة العامة للمواطن الجزائري، غير أن المسيرات والاعتصامات باختلافها سواء كانت سياسية أو عمالية نقابية، لاتزال محظورة خاصة بالعاصمة، لأسباب لا تختلف كثيرا عن مبررات حالة الطوارئ، وهو ما حدث مع مئات طلبات المسيرات التي قوبلت بالرفض إداريا بعد 24 فيفري 2011 أو الحظر أمنيا عن طريق القوة العمومية ومن تم لم يعد لحظر المسيرات مهما كانت دوافعها أي غطاء قانوني يستند إليه.

لا يختلف اثنان أن رفع قانون حالة الطوارئ الذي أقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في أول مجلس وزاري، أعقب أعمال الشغب الذي أثريت بعدد من ولايات الوطن في 05 جانفي الأخير، كان له الأثر الايجابي سواء على المستوى الداخلي؛ حيث سارعت جلّ الأحزاب والفعاليات الوطنية من منظمات حقوقية واجتماعية الى الترحيب بهذا القرار لاسيما من قبل الأطراف التي كانت تنادي به قبل 2011.

كما كان لقرار الرئيس بوتفليقة القاضي برفع حالة الطوارئ، أيضا تأييدا دوليا واسعا من مختلف العواصم الكبرى كواشنطن، فرنسا وبرلين ....الخ لاسيما وأن حالة الطوارئ ظلت سارية المفعول بالجزائر لمدة 19 سنة واستمرت حتى بعد استتباب الأمن وعودة الهدوء بفضل ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. ومن السلبيات التي صاحبت قانون رفع حالة الطوارئ، الذي دخل حيز التنفيذ في مارس الأخير، وهو الإبقاء على منع المسيرات والاعتصمامات والخروج الى الشارع سلميا، مهما كانت الأسباب سواء سياسية أو اجتماعية أو عمالية نقابية، ويتم هذا المنع إما إداريا سواء بعدم منح مصالح شؤون التنظيم بالولايات رخصا بتنظيم المسيرات أو بالحظر والقمع عن طريق القوة العمومية وعادة ما تكون ممثلة في مصالح الشرطة بتبريرات لا تختلف عن تبريرات قانون حالة الطوارئ منها حفظ النظام العام، ومازالت التجمعات الشعبية بالعاصمة تحظر رغم مرور ستة أشهر على رفع قانون حالة الطوارئ، والأمثلة كثيرة ولا مجال لحصرها، خاصة وأن سنة 2011 كانت سنة احتجاجات باختلاف أنواعها، حيث تمكنت مصالح الأم في قمع العشرات مسيرات ما يعرف بالتنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية بكل من ساحة أول ماي، ساحة الشهداء وحي المرادية. كما حظرت قوات الشرطة في العديد من المرات عقب دخول رفع قانون حالة الطوارئ حيز التنفيذ العديد من المسيرات المهنية التي كانت تنادي بتحسين ظروف الجبهة الاجتماعية وإن كان أغلبها ذات طابع مهني لاسيما أمام مبنى الرئاسة بحي المرادية ومقرات الوزارات والبرلمان ومجلس الأمة أين خرج للشارع الأطباء والطلبة، الحرس البلدي، ضحايا الإرهاب، المكفوفين ...الخ، بعد التناقض الذي يحدث برفع حالة الطوارئ ومنع المسيرات السلمية هل يفكر القائمون على إدارة الشأن العام على مراجعة ترخيصها أو اعطاء سند قانون واضح لمنعها لاسيما وأن ذات الملف رفعته العديد من الأحزاب والشخصيات الوطنية في مقترحاتها الخاصة بالاصلاح السياسي والتشريعي وفي مقدمتهم وزير الدفاع الأسبق، اللواء خالد نزار، الذي ارتبط اسمه كثيرا بتسيير قانون حالة الطوارئ سنوات التسعينيات.

رشيد. ح
الفجر
14-08-2011

مضاعفة الحواجز الأمنية وإصرار أكثر على محاربة الإرهاب

تأمين حياة المواطنين يركن قرار رفع حالة الطوارئ إلى جنب

سارعت الجزائر إلى إعلان رفع حالة الطوارئ بعد ظهور أولى بوادر الفوضى، وعجلت بالمصادقة عليه وتطبيقه لمنع أية إمكانية للدخول مجددا في النفق المظلم، في وقت أبقت فيه على نفس الإجراءات الأمنية والإستراتيجية، اضطرت إلى مضاعفتها بمجرد دخول الشهر الفضيل الذي تزداد فيه جرائم تنظيم ما يعرف بالجماعة السلفية للدعوة والقتال، مفضلة إبقاء القرار شكليا إلى أجل غير مسمى على خيار المجازفة بحياة المواطنين الذين علقوا احتجاجاتهم بمجرد تسوية مشكلة الزيت والسكر وما رافقها من زيادات متفاوتة للأجور.

تواصل الأجهزة الأمنية مشتركة في محاربتها للجريمة المنظمة على رأسها الخطر الإرهابي، وتستمر في خوضها لحربها معها والتي باشرت فيها مع بداية التسعينيات دون تخفيف الإجراءات رغم إقرار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في 2005 وقبله الوئام المدني في 1999، واستمرت درجة الجاهزية على حالها رغم التناقص العددي للإرهابيين، وتقلص مناطق نشاطهم مع فقدان التواصل فيما بينهم، ولاتزال عمليات التجنيد بالأجهزة الأمنية على رأسها الجيش الذي من المفروض أنه يتكفل بالمهمة العسكرية وحده بعيدا عن أسلاك الأمن الأخرى، إلا أنه يبقى عنصرا هاما ضمن التشكيلة الأمنية التي أعلنت مجتمعة مواصلتها للحرب إلى غاية القضاء على آخر إرهابي يؤثر على استقرار البلاد.
وحالت المخططات الإرهابية لضرب مصالح البلاد دون تفعيل حقيقي لقرار رفع حالة الطوارئ على أرض الواقع وتجسيده بشكل يشعر فيه المواطن الجزائري بالتغييرات التي قد تطرأ عليه بعد أزيد من 19 عاما من حياة الحظر والمنع وتغليب المصلحة العامة على فرص تمكين المعنيين من الحرية في عديد من المجالات، وازدادت التدابير الأمنية التي أضحت تطبع أيام شهر رمضان وتضاعف عدد الحواجز الأمنية التي تزامنت مع حلول الصيف ولجوء العائلات إلى الاصطياف، كما كثفت من إجراءاتها الإستراتيجية الرامية إلى إبعاد الخطر القادم من الخارج بعد ظهور تنظيم آخر ينسب نفسه إلى الجماعة السلفية يقبع على الحدود الجنوبية للجزائر ويسعى إلى ضرب الدول فيما بينها قبل أن يستهدف مواقع داخل الجزائر، واختار أن يوجه اعتداءه إلى الأجانب انطلاقا من اختطافهم على أراض جزائرية وأخرى مجاورة.
وقادت الأجهزة الأمنية عمليات عسكرية هامة بعد إعلان الحكومة موافقتها على رفع حالة الطوارئ، ولم تقتصر على نواة النشاط الإرهابي فقط ممثلة في منطقة الوسط، خاصة منها العاصمة الخاضعة لبرنامج أمني استثنائي، خاصة فيما يتعلق بالتجمهر، وإنما أضحت تمتد إلى المناطق الشرقية التي أصبحت تعيش على وقع عمليات تمشيط واسعة ترافقها عمليات قصف وقنبلة، اعترف المواطنون بأهميتها بعدما أضحوا يستحسنونها رغم ما فيها من ملامح العنف باعتبار أنها جنبتهم مجازر دموية وأنقذتهم من جحيم التفجيرات الانتحارية، حيث أضحوا ممتنين للجهود التي لا تفتأ مصالح الأمن تبذلها في سبيل توفير الأمن الذي افتقده الجزائريون لعدة سنوات وأبدوا موافقتهم الضمنية على تعليق قرار رفع حالة الطوارئ وإن كانوا يعبرون عن انزعاجهم بين الفينة والأخرى من صعوبة الحركة والسير في الحواجز الأمنية إلا أن لا أحد تجرأ وحمل لواء ضرورة تخفيف الإجراءات الأمنية التي تؤمن حياتهم، ولم ينضموا تحت راية تنادي بذلك حتى في عز الاحتجاجات التي أطلق فيها الجزائريون العنان لكل ما يؤرق حياتهم وكسروا حاجز الخوف في سابقة أعادت الطمأنينة لهم.

حسيبة. ب

قال إن الوضع لم يتغير والحقوق والحريات ماتزال مقيدة
بوشاشي: “قرار رفع حالة الطوارئ ارتجالي وهو موجه للاستهلاك الخارجي”


قال مصطفى بوشاشي، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن “قرار رفع حالة الطوارئ في البلاد هو قرار ارتجالي لا يعكس الواقع اليومي المعيش، وقد تأكدنا اليوم أن هذا القرار كان موجها للاستهلاك الخارجي، من أجل الإشارة إلى أن الجزائر بصدد القيام بإصلاحات سياسية وفتح مختلف المجالات أمام فعاليات المجتمع المدني”.
وعلّق مصطفى بوشاشي، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في تقييمه لمرور ستة أشهر على قرار رفع حالة الطوارئ، بأنه “لا يوجد أي نتائج جراء اللجوء إلى القيام برفع هذا الإجراء كون الحقوق التي كانت مقيدة مازالت على حالها ولم يتغير أي شيء منها؛ حيث مايزال النشاط الجمعوي يخضع لوصاية الإدارة أكثر مما هو حق قائم بذاته”. وأضاف بوشاشي في تصريح لـ“الفجر”، أن “في نهاية المطاف ورغم رفع حالة الطوارئ ماتزال الحقوق والحريات المختلفة للمواطنين غائبة في الوقت الذي كان فيه المواطنون يظنون أن بعد رفع حالة الطوارئ سيتمتعون بهذه الحقوق والحريات طبقا للقانون وما ينص عليه الدستور، إلاّ أنه خاب ظنهم وتبخرت آمالهم ولا يوجد مجال للحديث أو اعتماد أحزاب سياسية جديدة أو جمعيات ومنظمات وطنية ولا حرية التظاهر السلمي أو القيام بمسيرات سلمية أو عقد مناظرات في أماكن عمومية”.
وخلص مصطفى بوشاشي إلى أن “رفع حالة الطوارئ كان موجها في نهاية المطاف للخارج وليس للداخل والرسالة التي كانت موجهة في زمن الثورات العربية، هو أن الجزائر قررت تدشين مرحلة جديدة تتمثل في مباشرة إصلاحات سياسية عميقة وجذرية، باستشارة كل الأطراف السياسية لكن ما يحدث هو عكس ما يفعله النظام الحالي” الذي حسبه “لم يتغير وهي طبيعته كونه يتصرف دوما خارج المؤسسات”.

مالك رداد