(Array|find{370}|oui)

اليوم العالمي لحرية الصحافة: درع لرئيس تونس يستفز الصحفيين

تبرأ صحفيون وناشطون حقوقيون عرب من الخطوة التي أقدم عليها اتحاد الصحفيين العرب بمنح الرئيس التونسي زين العابدين بن علي درع الاتحاد، واعتبر بعضهم ذلك إعلانا لوفاة الاتحاد الذي وصفه آخرون بأنه ليس أكثر من ناد لممثلي وزارات الإعلام العربية.

وأثارت خطوة الاتحاد استغراب واستهجان الصحفيين الذين يرون أن النظام التونسي واحد من أسوأ الأنظمة العربية في سجل حقوق الإنسان وفي اضطهاد الصحفيين.

وقد سلم رئيس الاتحاد إبراهيم نافع الدرع في تونس الاثنين إثر انتهاء اجتماعات الأمانة العامة للاتحاد التي عقدت بتونس، تقديرا لما قال الاتحاد إنه دور للرئيس التونسي في الدفاع عن الصحافة في الوطن العربي.

ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن نافع قوله عقب منحه بن علي درع الاتحاد إنه تحادث مع الرئيس التونسي عن مستقبل الصحافة العربية ودورها بخصوص القضايا الأساسية الراهنة في العالم العربي.

ووصف ملحم كرم نائب رئيس الاتحاد بن علي بأنه "صديق الصحفيين العرب وصديق الإعلام في العالم، والقائد الذي يشجع ويدعم الكلمة والحرية والديمقراطية، ويعرف كيف يدخل القلوب بلفتته النبيلة إلى كل القضايا التي تعني الصحفيين".

رشوة وتبريرات

وفيما أكدت مصادر صحفية في الاتحاد نفسه للجزيرة نت أن الرئيس التونسي قدم دعما ماليا للاتحاد الذي يعاني من أزمة خانقة، نفى الأمين العام للاتحاد مكرم محمد أحمد أن يكون تقديم درع الاتحاد جاء بعد أن تبرع الرئيس التونسي بمبلغ مالي للاتحاد، وقال إنه "مجرد إجراء بروتوكولي عندما يلتقي الاتحاد أيا من الرؤساء العرب، وهو جزء من تقاليد الزيارة وسبق أن قدم الاتحاد دروعا مماثلة لرؤساء آخرين".

ونفى مكرم -الذي يشغل أيضا موقع نقيب الصحفيين المصريين- أن يكون منح الرئيس التونسي الدرع يحمل دلالة معينة، ورأى أن ذلك "لا يمثل شهادة على تأييد أو معارضة لمواقف أي من الرؤساء العرب، ولا يلغي أو يصادر موقفنا من حرية الصحافة في تونس".

براءة

وفي أبرز ردود الفعل على هذه الخطوة، اعتبر رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد أن اللحظة التي كرم فيها اتحاد الصحفيين العرب الرئيس زين العابدين هي "لحظة إعلان وفاة" هذا الاتحاد.

وأكد عيد في تصريح للجزيرة نت أن هذا التكريم "مدفوع الثمن"، وأن حريات الصحفيين لا يمكن أن تتساوى مع هذا الثمن البخس الذي باع الاتحاد مواقفه به بتكريم "طاغية مستبد دائما ما عرف بعدائه للصحفيين".

انتقادات

وفي الأردن أدان بشدة رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان/فرع الأردن هاني الدحلة "منح الدرع لرئيس دولة معروف بقمعه للصحفيين والحريات في تونس". وأضاف في تصريح للجزيرة نت "لا أعتقد أن بن علي يستحق هذا التقدير من اتحاد الصحفيين العرب، وأرى أن منحه هذا الدرع يشجعه على المضي في انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان ومنها حقوق الصحفيين في تونس".

أما أمين سر نقابة الصحفيين الأردنيين ماجد توبة فاستغرب بشدة أي قرار بمنح درع اتحاد الصحفيين العرب لأي حاكم عربي، وتحديدا الرئيس التونسي الذي تدل "كل التقارير المحلية والدولية على وجود انتهاكات واسعة للحريات الصحفية في بلاده".

ورأى الناشط الحقوقي المعروف وعضو لجنة الحريات في مجمع النقابات المهنية بالأردن ميسرة ملص أن "اتحاد الصحفيين العرب ما هو إلا منظمة خشبية مشكلة بغالبها من اتحادات تمثل الحكومات العربية وليس القطاع العريض من الصحفيين العرب المقموعين

ممثل لوزارات الإعلام

ومن السودان، قال العضو السابق في اللجنة التنفيذية لاتحاد الصحفيين السودانيين فيصل محمد صالح للجزيرة نت إن اتحاد الصحفيين العرب ليس مؤسسة صحفية حقيقية، "ولم يضع الحريات الصحفية وحقوق الصحفيين ضمن أولوياته التي يمكن أن يتوقف عندها ويدافع عنها ويتمسك بها".

وأضاف أن الاتحاد هو "ناد لممثلي وزارات الإعلام العربية"، وأن علاقاته بالحكام العرب أهم لديه من حرية الصحفيين وحقوقهم.

ومن جانبه اعتبر الحقوقي ساطع محمد الحاج أن المؤسسات الموجودة باستثناء اتحاد المحامين العرب لا تمثل إلا وجهات نظر المنظومة الحاكمة "ولا تمثل بالطبع شعوبها أو طموحاتهم".

أما الحقوقي معز حضرة فقال إنه لا يوجد من يشعر بالاندهاش لموقف اتحاد الصحفيين العرب، مشيرا إلى ما سماها المواقف المعروفة للاتحاد التي تتمثل في نصرة الأنظمة الشمولية ودعم الأنشطة المرفوضة لها.

وتساءل الخبير الإعلامي محمد علي سعيد في تعليقه للجزيرة نت عن الجهات التي يسعى قادة اتحاد الصحفيين العرب للسخرية منها بمسلكه الجديد. وأضاف "باختصار هذه مهزلة لا تليق بمجتمع الصحافة والصحفيين".

وفي الجزائر اعتبر الأمين العام للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد المؤمن خليل أنه "شيء مخز ومؤسف كثيرا أن يمنح اتحاد الصحفيين العرب مكافأة لمن يضطهد الصحفيين، والمحزن جدا أن تصادف هذه المكافأة يوم خروج الصحفي المناضل توفيق بن بريك بعد ستة أشهر من السجن".

استفزاز
أما عن ردود الفعل في تونس نفسها، فقد اعتبرت رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب راضية النصراوي أن "تقديم الجائزة للرئيس التونسي هو من قبيل الاستفزاز لكل الصحفيين التونسيين، في ظلّ المحاكمات والاعتداءات الصارخة بحق عدد من الصحفيين".

وأضافت أن بن علي هو من أكبر المعتدين على حرية الصحافة، حيث شهدت السنوات الماضية إغلاق ومضايقة العديد من صحف المعارضة، وبالتالي فإن هذا التكريم يمسّ مصداقية اتحاد الصحفيين العرب ونزاهته بشكل واضح، متسائلة "من الذي سيثق في منظمة مثل هذه بعد الآن؟".

ولفتت راضية إلى أن هذا التكريم "يأتي في وقت شهد توجيه تهم مفبركة للصحفي توفيق بن بريك، واستئناف محاكمة الصحفي الفاهم بوكدوس، فضلا عن تعرض سليم بوخذير مندوب مراسلون بلاحدود لاعتداء من جانب أفراد الأمن".

وبدوره، انتقد ناجي البغوري (نقيب الصحفيين المعزول) هذه الخطوة، واعتبر أن "حصيلة تدهور الحريات الصحية في تونس لا تمكّن أي مسؤول حكومي من الظفر بأي جائزة أو تكريم من هذا النوع".

وقال البغوري "كان من الأجدر بالاتحاد أن يوجه انتباه الحكومة أو أن يلفت نظرها للتركيز على تسوية المشاكل التي يعانيها الصحفيون التونسيون وتوسيع هامش حرية التعبير وإلغاء محاكمة الصحفيين".

وأشار البغوري إلى أن نقابة الصحفيين التونسيين "تعرضت العام الماضي لانقلاب على إثره تمّ تنصيب مكتب موال للسلطة يقوده المستشار الإعلامي للأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم) جمال الكرماوي".

جدير بالتكريم}

وفي المقابل، فإن الكرماوي يعتبر أن الرئيس التونسي جدير بتكريم اتحاد الصحفيين العرب، قائلا إنه "ساهم في توسيع هامش الحريات الصحفية بالبلاد" ودعا إلى مزيد من الجرأة، كما أدخل تعديلات قانونية "تضمن حق الصحفي وتساعده في الوصول إلى المعلومة".

وأضاف "نحن فخورون بهذا التكريم، وعلينا أن نكون كصحفيين في مستوى هذا التكريم بالعمل على تنويع المشهد الثقافي من خلال كتابات جريئة وفق ما يحتمله القانون".

المصدر:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/A8D85998-8D68-45CF-BE3E-F52EC1EC0258.htm