(Array|find{291}|oui)

حوار:الرشوة اليوم منتشرة على كل المستويات وفي أعلى هرم السلطة

في هذا الحوار الشيق الذي أجراه الأمين الوطني المكلف بالإعلام في حزب جبهة القوى الاشتراكية ،السيد صادق نسيم مع الأستاذ مصطفى بوشاشي ،تطرق ضيفنا إلى شتى محاور الساعة من قضايا متعلقة بوضعية حقوق الإنسان و الواقع السياسي الراهن في الجزائر.

كيف تقيمون حالة حقوق الإنسان في الجزائر؟

رئيس الرابطة:إن حالة حقوق الإنسان اليوم في الجزائر في تراجع وتقهقر مستمر شتان بين سنة 1989 وسنة 2009 فرغم أن الجزائر من الدول التي صادقت على أغلب الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وتطبيقا لذلك الاتفاقيات قامت بتعديل تشريعاتها الداخلية بما يضمن حقوق الإنسان ولكن الواقع يكذب النصوص فلقد أصبح القائمون على المؤسسات الإدارية والسياسية والأمنية يتصرفون خارج القانون وبالنتيجة ينتهكون حقوق المواطنين إذ تمنع الاجتماعات العمومية لمؤسسات المجتمع المدني وتمنع المسيرات السلمية وتمنع النقابات من الاحتجاج والإضراب ويحرم المواطنين من تكوين أحزاب أو جمعيات أو إصدار صحف إلا إذا كان الذين يطلبون ذلك مجاملين للنظام القائم بالإضافة إلى هذا أن التعذيب وسوء المعاملة مازالت وسائل للحصول على إقرارات من المشتبه فيهم والمتابعين أمام المحاكم. وفي مقابل هذه التجاوزات والخرق للقانون لا نملك سلطة قضائية مستقلة يمكنها ردع هذه الانتهاكات.

كيف تفسرون تفادي أو عدم الكلام عن مسألة انتهاك حقوق الإنسان وحق الشعب الجزائري بعد إلغاء المسار الانتخابي في سنة 1992؟

رئيس الرابطة: نحن في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان كان موقفنا المبدئي هو أن إلغاء المسار الانتخابي سنة 1992 وهو مساس خطير بحق الشعب الجزائري في اختياره السياسي وهو انقلاب على الديمقراطية وحق الشعب في تقرير مصيره. وفي تلك الفترة كانت الرابطة حاضرة بمواقفها وتنديدها بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والتي طالت شرائح كبيرة من الشعب الجزائري في المدن والأرياف تمثلت تلك الانتهاكات في القتل خارج دائرة القضاء والتعذيب والاختفاء القسري للمواطنين من منازلهم ومن أماكن عملهم وطبعا الكل يتذكر بالنسبة للقتل خارج دائرة القضاء مجزرة السركاجي. وكل هذه الانتهاكات بل الجرائم ضد الإنسانية يتحمل مسؤوليتها النظام السياسي القائم . كما أن للرابطة كان لها مواقف تدين الأعمال الإرهابية التي كانت ترتكبها الجماعات المسلحة.

حسب رأيك هل أسدل الستار على مواضع جد حساسة مثل قضية المفقودين قضايا التعذيب والتي حدثت في التسعينات؟

رئيس الرابطة:لا شك بأن الحديث عن ملف الانتهاكات الخطيرة مثل قضية المفقودين والتعذيب والقتل خارج دائرة القضاء قد تراجع في أدبيات المنظمات الدولية وكذلك منظمات الحقوقية الجزائرية ولكن هذا لا يعني أن هذه القضايا انتهت وقلبت الصفحة وكرست فكرة اللاعقاب . أريد أن أأكد هنا أن لا قانون المصالحة الوطنية ولا منع المواطنين من الحديث عن الموضوع سيؤدي إلى إسدال الستار عن هذه المواضيع. لقد عاشت شعوب جنوب أمريكا مأساة شبيهة بمأساة الجزائر في شقها المتعلق بحقوق الإنسان و بمجرد سقوط الأنظمة القمعية في تلك المنطقة حتى تم التحقيق وتحديد المسؤوليات وتمت متابعة الذين ارتكبوا تلك الجرائم سواء كانوا سياسيين أو منفذين في الجزائر الإشكالية أن النظام السياسي المسؤول عن الانتهاكات مازال قائم ومستمر وهو يسعى ويعمل من أجل تطبيع الأمة على نسيان ما حدث هذا من جهة ومن جهة ثانية وفي ظل غياب ديمقراطية حقيقية وحرية التعبير وتقييد عمل الضحايا وجمعياتهم المطالبين بالحقيقة ونشطاء حقوق الإنسان يتم تهميشهم بوسائل مختلفة مما يجعل الملاحظ يعتقد أن ملف الانتهاكات الخطيرة قد تم طيه ولكن الحقيقة أن هذه الملفات لا يمكن إسدال الستار عنها قبل معرفة الحقيقة .

البعض يتكلم عن ضرورة إعطاء أولوية للحقوق الاقتصادية عن حقوق الإنسان الأخرى ما هو رأيك؟

رئيس الرابطة:إن التكفل بمتطلبات المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ليعيشوا حياة كريمة ضروري لخلق مجتمع متوازن لا تكون هناك هوة بين الأغنياء والفقراء ولكن هذا لا يعطي لهذا النوع من الحقوق أولوية على الحقوق السياسية والمدنية بل أنه من الصعب أن تحترم الحقوق الاقتصادية في ظل نظام شمولي غير ديمقراطي. إن الديمقراطية وتمتع المواطنين بالحقوق السياسية يؤدي بالضرورة إلى انتخاب حكومة تعمل من أجل تلبية حاجيات العيش الكريم. وفي غياب الديمقراطية وتحكم فئة يؤدي إلى إهدار المال العام ويؤدي إلى الفساد والنتيجة هو أن تغييب الحقوق السياسية يؤدي إلى فقدان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتجربة الاتحاد السوفيتي والدول التي كانت تدور في فلكه أكدت أنه لا يمكن التضحية بالحقوق السياسية من أجل الحقوق الاقتصادية.

ما تعليقك على تصريح الرئيس ساركوزي أين أظهر بوضوح تأييده ومساندته للرئيس بوتفليقة مدعيا أنه لا يوجد خيار آخر للجزائريين ؟

رئيس الرابطة:اولا: اعتقد أن الأعراف الدبلوماسية بين الدول هو تحفظ رئيس دولة في مؤازرة مترشح أو رئيس خصوصا بين دولتين مثل الجزائر وفرنسا والتي بينهما حساسية مفرطة.

ثانيا: اعتقد بأننا في الجزائر الشعب لا يختار المسؤولين بما فيهم رئيس الجمهورية بل هناك دوائر تختار الرئيس ثم يطلبون من الشعب المصادقة على ذلك الاختيار وتقوم الإدارة بعملية الإخراج في تغيب تام لإرادة الشعب.

ثالثا: إن الرئيس ساركوزي يدرك أن الديمقراطية الحقيقية في الجزائر أو في أي دولة عربية ستؤثر سلبا على مصالح فرنسا الاقتصادية والسياسية وبالتالي فدعم الانتخابات غير الديمقراطية و في الأساس يخدم مصالح فرنسا.

ما رأيك في فكرة أو مشروع سركوزي المتمثل في إنشاء الاتحاد أجل المتوسط وما هو مجال أو هامش حرية نشاط المناضلين الفاعلين في هذا الاتحاد؟

رئيس الرابطة:ليس لدي معلومات وافية عن الموضوع ومؤسساته وقانون إنشائه ولكن أعتقد أن الاتحاد من أجل المتوسط لا يحمل في طياته أي اهتمام بموضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان و حق التنقل بين الضفتين بل هو مشروع اقتصادي سياسي يريد الرئيس ساركوزي أن يخلق لفرنسا فضاء. بالإضافة إلى هذا الاتحاد يشكل خطرا على تطلعات شعوب جنوب المتوسط التي تتطلع إلى الديمقراطية والتحرر من الأنظمة الشمولية فمن خلال هذا الكيان تتقوى هذه الأنظمة الدكتاتورية وسيكون ذلك على حساب الشعوب وكرامتها وحريتها وربما على المدى البعيد سيؤثر على السلم في المنطقة.

كيف تقيمون مؤسسات البلاد وخصوصا جهاز العدالة ؟

رئيس الرابطة:الدستور الجزائري لسنة 1989و1996 يؤكد أن على السلطة القضائية مستقلة وأن القضاة لا يخضعون إلا للقانون ولكن النصوص التطبيقية والمتمثلة في القانون الأساسي للقضاء و القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء في تناقض مع القانون الأسمى أي الدستور ويظهر ذلك في :

أولا: إن التعيينات خصوصا تلك المتعلق بالمناصب النوعية هي من اختصاص رئيس الدولة.

ثانيا: إن النيابة العامة وهي المخولة بتحريك الدعوى العمومية وتنفيذ الأحكام فتخضع خضوعا تاما لوزير العدل.

ثالثا: إن تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء الأغلبية فيه ليس للقضاة المنتخبين بل للمعينين مما يجعل دوره منعدما في مواجهة الإدارة وبالتالي يصبح المسارالمهني للقضاة تؤثر فيه السلطة التنفيذية من تعيين وترقية وتأديب.

رابعا: إن وزارة العدل إلى جانب النصوص القانونية التي تضمن لها عدم استقلالية القضاة فتلجأ إلى تسيير القضاة بالمناشير والتعليمات وفي غياب نقابة للقضاة مستقلة تدافع عن مصالحهم ومواقفهم تراجع دور القضاء في حماية دولة القانون حقوق الإنسان بشكل خطير حتى أن البعض يتحدث عن خوصصة العدالة أي أنها أصبحت كأي جهاز إداري أو أمني هو في خدمة النظام القائم والسلطة التنفيذية.

مناضلي حقوق الإنسان ومناضلي حزب القوى الاشتراكية في غرداية هم موضوع متابعات قضائية لا متناهية لماذا هذا العنف القضائي ضد مواطنين معروفين بالهدوء والسلم ؟

الرئيس بوشاشي:إن حقوق الإنسان هي قيد على سلطة الدولة ومؤسساتها و الاحتجاج والمطالبة بالحقوق العامة أو الخاصة في النظام الدكتاتوري هو المساس بهيبة الدولة. والاحتجاجات ونضال سكان مدينة غرداية السلمي والعادل اعتبره النظام الشمولي نوع من التمرد يجب توقيف ذلك النضال لكي لا ينتقل إلى أماكن أخرى ووسيلة النظام هو سلسلة من المتابعات ضد رموز ذلك النضال لأن أكبر ما يضر ويخيف النظام هو النضال السلمي الذي يجرده من شرعية استعمال العنف والقوة.

هل أنتم مقتنعون بمحتوى قانون الرشوة الذي يبدو أنه زادها انتشارا؟

الرئيس بوشاشي: إن ظاهرة الرشوة والفساد التي تنخر مؤسسات الدولة في الجزائر وصلت إلى درجة من الخطورة تهدد كيان الدولة ومؤسساتها وأخلاقيات المجتمع.
إن الرشوة اليوم منتشرة على كل المستويات وفي أعلى هرم السلطة وهي من مميزات النظام الشمولي ذلك أن النظام الذي لا يقوم على رغبة ورضا الشعب هو في حاجة إلى مرتزقة يقومون بخدمة النظام وفي مقابل الخدمة غير الأخلاقية يحصل هؤلاء على كل الامتيازات ومع مرور الزمن استفحلت الظاهرة.

وفي سنة 2006 ولدر الرماد في العيون وإعطاء الانطباع بأن السلطة تريد محاربة الفساد والرشوة قامت بوضع قانون سمي قانون مكافحة الفساد وهو في الحقيقة قانون يشجع على الفساد إذ كيف كل جرائم الاختلاس على أنها جنح بسيطة وجعل عقوبة كل جرائم الفساد من سنتين إلى 10 سنوات فأصبح الأمر أن تختلس عشرة آلاف دينار أو أن تختلس 10 مليار دولار هي نفس العقوبة وأصبحت المحاكم تنظر في جنح السرقة للمواطنين فتحكم بـ 05 سنوات من أجل سرقة هاتف نقال و04 سنوات من أجل سرقة 20 مليار. لهذا السبب قال كثير من الملاحظين أنه قانون للتشجيع على الفساد وليس لمحاربة الفساد وأكبر مستفيد من هذا القانون هم الأشخاص الذين يدورون في فلك السلطة بالإضافة إلى هذا لاحظنا في قضايا الفساد التي نظرتها المحاكم الجزائرية أن هناك انتقائية في المتابعة وأكبر مثال على ذلك هي قضية الخليفة الذي تابعها الرأي العام ولاحظ أن المتابعة مست فقط الموظفي والإطارات البسيطة .

قضية الخليفة هل انتهت؟

رئيس الرابطة:إن قضية الخليفة هي قضية فساد نظام ، هي قضية دولة اللاقانون ، هي قضية تعطي صورة عن النظام الجزائري هل يمكن أن تعرف من هم الأشخاص الذين هم وراء عبد المؤمن خليفلة لا أعتقد أنها على غرار كل ملفات الفساد والانتهاكات الخطيرة لا يمكن الوصول إلى الحقيقة في ظل استمرار النظام الحالي.

ما هي علاقة الرابطة بحزب القوى الاشتراكية؟

رئيس الرابطة:إن حزب القوى الاشتراكية هو حزب ناضل منذ سنة 1963 من أجل إرساء الديمقراطية في الجزائر ومازال يناضل ونعتقد أن نضال الرابطة وبرنامجها هو نشر ثقافة حقوق الإنسان وإرساء دولة الحق والقانون التي يكون الفرد وكرامته هو مركز اهتمامها.

مما يجعلنا نناضل من أجل نفس الأهداف وهذا يجعلنا حلفاء ولكننا نحن حلفاء مع كل المناضلين من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان سواء كانوا أحزاب أو شخصيات وطنية أو حزبية أو مدنية. إن اتهام البعض لنا بأننا قريبون من حزب القوى الاشتراكية ورئيسه المناضل الكبير حسين آيت أحمد نقول بأن التقرب من المناضلين من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان يشرفنا.

المصدر: الجريدة الشهرية لحزب جبهة القوى الاشتراكية Repères